-A +A
نجيب يماني
حينما يكون الطموح كبيراً، والإرادة ماضية، والجهد قادراً على إنجاز كل الممكن وبعض المستحيل، وعندما تكون الرؤية مستشرفة أفقاً متراحباً وطموحاً.. والتخطيط واعياً ومدركاً وعابراً للزمن..؛ عندها تدرك معنى القائد الاستثنائي..

هكذا كان ولي العهد، وهكذا عهدناه.. فلا غرو إذاً ولا عجب، أن يبشّرنا بمشروع مدينة «ذا لاين».. مشروع جديد يكشف لنا بجلاء طموحات ولي العهد الأمير (محمد الخير)، وبعد نظره، وحسن قراءته للماضي والحاضر والمستقبل على حد سواء.. أعد على خاطرك كلمات سموّه عند إطلاق هذا المشروع، لتدرك بأي وعي يفكّر، وإلى أي أفق متراحب يرمي.


«على مدى العصور بُنيت المدن من أجل حماية الإنسان بمساحات ضيّقة. وبعد الثورة الصناعية بُنيت المدن لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الإنسان. المدن التي تدعي أنها هي الأفضل في العالم يقضي فيها الإنسان سنين من حياته من أجل التنقل، وسوف تتضاعف هذه المدة في 2050، وسوف يهجَّر مليار إنسان بسبب ارتفاع انبعاثات الكربون، وارتفاع منسوب مياه البحار نحن بحاجة إلى تجديد مفهوم المدن إلى مدن مستقبلية.

اليوم بصفتي رئيس مجلس إدارة نيوم أقدم لكم (ذا لاين): مدينة مليونية بطول 170 كم، تحافظ على 95% من الطبيعة في أراضي نيوم، صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية»..

إن هذه الإشارات البوارق تضعنا أمام قيادة تضع الإنسان في مقدمة اهتمامها بتوفير أفضل الظروف له، وتحسين جودة حياته، وإشراكه في منظومة الحياة المتطورة عبر توسيع دائرة التعامل مع الذكاء الاصطناعي، والتقنية الحديثة، بوصفها أساسيات وضرورة المواكبة في عالم المستقبل القريب المنظور.. كما تومي هذه الإشارة أيضاً إلى قيادة لا تكتفي بالتنظير والدعوة لتفعيل القرارات من أجل المحافظة على البيئة والمناخ، كما يحدث في المجتمع الدولي والمنظمات والدول الفاعلة في هذا الجانب، وإنما تمضي فعلياً إلى تقديم النموذج الحي، والمثال الواقعي على ذلك، باستحداث مدينة المستقبل؛ حيث المحافظة على البيئة، بلا انبعثات كربونية، ولا أنشطة هادمة لأساسيات الحياة ومعطيات الطبيعة.. وعلى هذا فلا حرج عندي في القول بأن المملكة وقيادتها تقدم «البيان بالعمل»، وتسبق الجميع بخطوة..

إن جدوى مشروع «ذا لاين» الذي أعلن عنه ولي العهد، تتداخل إيجابياته، وتتقاطع ما بين البيئي والصحي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وغيرها من العلاقات المتداخلة، وبوسع أي متأمل أن يستشرف بخياله مدينة هي في واقع الأمر «ثورة حضرية للإنسان.. تكلفة البنية التحتية فيها أقل بنسبة 30%، بينما جودة الخدمات أعلى بنسبة 30%، وبطاقة متجددة 100%»..

مدينة سترفد سوق العمل السعودي بفرص نوعية، تواكب تطلعات وإمكانيات الجيل القادم، ونظرته للحياة بمعناها المنفتح والمواكب..

مدينة لمليون نسمة، وبطول 170 كيلومتراً (105 أميال) ومحافظة على الطبيعة بنسبة 95٪، حيث لا سيارات وشوارع معدومة، ولا انبعاثات كربونية مهلكة..

مدينة تعتمد الذكاء الاصطناعي، والاتصالات فائقة السرعة بكل أنواعها، والروبوتات بتقنياتها المتطورة والحديثة، وأغراضها المتعددة..

مدينة للهدوء والسكينة والراحة والاستجمام وجودة الحياة في أعلى معاييرها، بتوفيرها لكافة حلول التنقل الذكية..

مدينة أعدت أساليب حديثة للزراعة، وتقنيات موائمة ومواكبة لإنتاج الغذاء، وسبل الرعاية الصحية..

مدينة تتعامل فقط مع الطاقة النظيفة من الشمس والرياح، مستحدثة برامج ومشاريع في مجالات تطوير الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالإضافة إلى مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون ومشروع «الهيدروجين الأخضر»..

مدينة تسعى نحو تطبيق مفهوم «القوى العاملة للاقتصاد الجديد» عبر استقطاب أكفأ وأبرع الكوادر البشرية بما يضمن تعاملاً سلساً مع التقنية المتاحة فيها وتسخيرها بما يخدم الجميع..

أستطيع الذهاب في تعديد مزايا هذه المدينة بشكل مطول، لكني أكتفي بهذه الإشارات ففيها الغنى والكفاية للتدليل على عظمة هذا المشروع، ونفاذ وسداد العقل الذي أنتجها، والعبقرية التي فكرت فيها، وهي خيط من نول رؤية المملكة 2030، التي أحكم وضعها ولي العهد الأمين، فهنيئاً للمملكة بمدينة «ذا لاين»، وأنا على يقين وثقة بأنها لن تكون آخر المدهشات في فضاء المملكة، فطالما هناك محمد بن سلمان -وفّقه الله- فثمة طموح لا ينقطع، ومستقبل زاهر، وفضاء رحب من الإنجازات والمشاريع التي تؤكد عظمة المملكة ورفعة مكانتها، وسداد ورشد وحكمة قيادتها.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

كاتب سعودي

nyamanie@hotmail.com